
تعد مسألة تنفيذ الأحكام والقرارت الأجنبية داخل المملكة العربية السعودية من المسائل ذات الاهمية العالية القانون لاسيما مع التطورات المتسارعة في العلاقات التجارية والاستثمارية بين المملكة ودول العالم.
وبصورة خاصة، يمكن القول بأن إجراءات وآلية واشتراطات تنفيذ الأحكام والقرارات الأجنبية في المملكة العربية السعودية تم تنظيمها بصورة حصرية في نظام التنفيذ الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/53) وتاريخ 13/8/1433هـ ولائحته التنفيذية، وتعتبر المادة الحادية عشرة من نظام التنفيذ أساس ومحور هذا التنظيم.
نصت المادة الحادية عشرة من نظام التنفيذ على ما يلي: ” مع التقيد بما تقضي به المعاهدات والاتفاقيات؛ لا يجوز لقاضي التنفيذ تنفيذ الحكم والأمر الأجنبي إلا على أساس المعاملة بالمثل وبعد التحقق مما يأتي:
- أن محاكم المملكة غير مختصة بالنظر في المنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر، وأن المحاكم الأجنبية التي أصدرته مختصة بها وفقًا لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في أنظمتها.
- أن الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم قد كلفوا بالحضور، ومثلوا تمثيلاً صحيحًا، ومكنوا من الدفاع عن أنفسهم.
- أن الحكم أو الأمر أصبح نهائيًا وفقًا لنظام المحكمة التي أصدرته .
- أن الحكم أو الأمر لا يتعارض مع حكم أو أمر صدر في الموضوع نفسه من جهة قضائية مختصة في المملكة.
- ألا يتضمن الحكم أو الأمر ما يخالف أحكام النظام العام في المملكة.”[1]
بالاطلاع على المادة أعلاه يتجلى لنا بأن المنظم وضع عدة شروط أساسية لتنفيذ الحكم والأمر الأجنبي في المملكة، وهي:
- أن يكون الحكم أو الأمر صادر من دولة تعامل المملكة بالمثل، على سبيل المثال أن تعتبر الدولة مصدرة الحكم أي حكم صادر من المملكة العربية السعودية نافذًا لديها. وعلى من صدر لصالحه الحكم أو الأمر الأجنبي، عبء إثبات مبدأ المعاملة بالمثل.
- أن يكون الحكم أو الأمر الأجنبي صادراً من محكمة أو جهة مختصة وفقاً لقواعد الاختصاص القضائي المتعارف عليها، بحيث تكون الجهة مصدرة الحكم أو الأمر مختصة بنظر النزاع الصادر به الحكم المُراد تنفيذه بناءً على معايير مثل محل إقامة المدعى عليه أو محل تنفيذ الالتزام أو اتفاق أطراف الدعوى على تحديد الاختصاص ابتداءً.
- أن يكون الطرف المنفذ ضده قد تم إبلاغه تبليغًا صحيحًا بالدعوى التي صدر فيها الحكم أو الأمر الأجنبي، وهذا يؤكد لمحكمة التنفيذ السعودية حقيقة تمكين المنفذ ضده في الدفاع عن نفسه أمام المحكمة الأجنبية قبل إصدارها للحكم.
- أن يكون الحكم أو الأمر الأجنبي نهائياً وقابل للتنفيذ وغير قابل للطعن عليه في الدولة التي أصدرته.
- ألا يكون قد صدر حكم نهائي من محكمة سعودية يتعلق بالموضوع نفسه، تفاديًا لتضارب الأحكام القضائية.
- ألا يكون الحكم أو الأمر الأجنبي مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية أو النظام العام في المملكة.
كما وضحت المادة 11 من اللائحة التنفيذية لنظام التنفيذ الإجراءات التفصيلية لقبول تنفيذ الأحكام الأجنبية في المملكة العربية السعودية، حيث أكدت اللائحة على عدة شكليات إلزامية لقبول تنفيذ الحكم الأجنبي، كالتالي:
- تقديم أصل الحكم أو الأمر الأجنبي المطلوب تنفيذه أو نسخة طبق الأصل منه للمحكمة.
- تقديم شهادة صادرة من الجهة مصدرة الحكم أو الأمر تؤكد قابلية الحكم للتنفيذ.
- ترجمة معتمدة للغة العربية لجميع المستندات الأجنبية.
- توثيق المستندات الأجنبية من الجهات الرسمية بالسعودية كوزارة الخارجية ووزارة العدل.
وذلك بالاستناد على ما جاء في نص المادة (11) من اللائحة التنفيذية لنظام التنفيذ وتحديدًا الفقرات أدناه:
” 11.1 يجب أن يكون مرافقاً للحكم أو الأمر الأجنبي المطلوب تنفيذه ما يأتي:
أ-أصل الحكم أو الأمر الأجنبي أو صورة طبق الأصل منه.
ب- شهادة بأن الحكم أصبح نهائياً واجب التنفيذ، ما لم يكن ذلك منصوصاً عليه في الحكم ذاته.
ج- نسخة من مستند تبليغ الحكم مصدقاً عليها بمطابقتها لأصلها، أو أي مستند آخر من شأنه إثبات إعلان المدعى عليه إعلاناً صحيحاً، وذلك في حالة الحكم الغيابي.
11.4 الوثائق الصادرة من الجهات الرسمية في البلد الأجنبي الواردة من خارج المملكة يلزم تصديقها من وزارتي الخارجية والعدل، وتُترجم إلى اللغة العربية من مكتب ترجمة معتمد.”[2]
ختاماً، مما لا شك فيه أن المادة الحادية عشرة من نظام التنفيذ ولائحته التنفيذية تمثل حجر الأساس في تنظيم آلية وإجراءات تنفيذ الأحكام والأوامر الأجنبية بالمملكة العربية السعودية، ومع تنامي العلاقات الاقتصادية والاستثمارية مع مختلف دول العالم يصبح تحليل وتفسير هذا التنظيم ضروري لمواكبة المستحدثات وتلبية متطلبات الواقع العملي.
نتطلع إلى تواصلكم معنا في حال وجود أي استفسار بهذا الخصوص، أو في حال رغبتم بمعرفية إجراءات تقديم الأحكام والأوامر الأجنبية أمام محاكم التنفيذ السعودية، إضافة إلى إجراءات التنفيذ وفقاً لنظام التنفيذ.
[1] مادة 11 من نظام التنفيذ الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/53) وتاريخ 13/8/1433هـ
[2] مادة 11 من اللائحة التنفيذية لنظام التنفيذ الصادرة بموجب قرار وزير العدل رقم (526) وتاريخ 20/02/1439هـ